Total Pageviews

Sunday, February 8, 2015

@@@ بعض فوائد المرض والبلاء



       
 بعض فوائد المرض


.


إن الله لم يخلق شيئاً 
إلا وفيه نعمة أيضاً،
إما على المبتلى أو على غير المبتلى،

 ولولا أن الله خلق العذاب والألم
لما عَرَف المتنعمون قدر نعمته عليهم

 فلولا الليل لما عرف قدر النهار،
ولولا المرض لما عرف قدر الصحة،
 وكذا الفقر والسماء والجنة،

 ففرح أهل الجنة إنما يتضاعف
إذا تفكروا في آلام أهل النار،


وإنما المحمود الصبر على ألم 
ليس له حيلة في إزالته،

كما أن من النعم نعمة تكون بلاءً على صاحبها،
فإنه يبتلى بالنعماء والبأساء،
 وكم من بلاء يكون نعمة على صاحبه،
 فرب عبد تكون الخيرة له في الفقر والمرض،
 ولو صح بدنه وكثر ماله لبطر وبغى وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ..


بعض فوائد المرض والبلاء

1ـ من فوائد المرض:
أنه تهذيب للنفس، وتصفية لها من الشر الذي فيها: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ [الشورى:30]،

. { ما يصيب المؤمن من وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه }،

 وقال : { ولا يزال البلاء بالمؤمن في أهله وماله وولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة }

فإذا كان للعبد ذنوب
 ولم يكن له ما يكفرها
 ابتلاه الله بالحزن أو المرض،
وفي هذا بشارة فإن مرارة ساعة
 وهي الدنيا أفضل من احتمال مرارة الأبد،
 يقول بعض السلف:
 لولا مصائب الدنيا لوردنا القيامة مفاليس.

2ـ ومن فوائد المرض:

أن ما يعقبه من اللذة والمسرة في الآخرة
أضعاف ما يحصل له من المرض، فإن مرارة الدنيا حلاوة الآخرة والعكس بالعكس، وقد ورد في الحديث :
{ الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر }،
.

وإذا نزل بالعبد مرض أو مصيبة
 فحمد الله بني له بيت الحمد في جنة الخلد،
فوق ما ينتظره من الثواب،
 أخرج الترمذي عن جابر مرفوعاً:

 { يود الناس يوم القيامة أن جلود كانت تقرض بالمقاريض في الدنيا لما يرون من ثواب أهل البلاء }.

3ـ ومن فوائد المرض:
قرب الله من المريض،
وهذا قرب خاص، يقول الله: { ابن آدم، عبدي فلان مرض فلم تعده، أما لو عدته لوجدتني عنده } [رواه مسلم عن أبي هريرة]، وأثر: { أنا عند المنكسرة قلوبهم }.

4ـ ومن فوائد المرض:

أنه يعرف به صبر العبد،

 فكما قيل:
 لولا الامتحان لما ظهر فضل الصبر،
 فإذا وجد الصبر وجد معه كل خير،
 وإذا فات فقد معه كل خير،
 فيمتحن الله صبر العبد وإيمانه به،

.
{ إن عظم الجزاء من عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط }،

 وفي رواية:
{ ومن جزع فله الجزع } [رواه الترمذي]،

فإذا أحب الله عبداً أكثر غمه،
 وإذا أبغض عبداً وسع عليه دنياه
وخصوصاً إذا ضيع دينه،

 فإذا صبر العبد إيماناً وثباتاً كتب في ديوان الصابرين،
 وإن أحدث له الرضا كتب في ديوان الراضين،
وإن أحدث له الحمد والشكر كان جميع ما يقضي الله له من القضاء خيراً له

. { فالمؤمن يؤجر في كل أمره } فالمؤمن لابد وأن يرضى بقضاء الله وقدره في المصائب،,,,


5ـ ومن فوائد المرض:
أنه إحسان ورحمة من الرب للعبد،
فما خلقه ربه إلا ليرحمه لا ليعذبه

مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً [النساء:147]،

 وكما قيل:
وربما كان مكروه النفس إلى *** محبوبها سبب ما مثله سبب

ولكن أكثر النفوس جاهلة بالله وحكمته،
ومع هذا فربها يرحمها لجهلها وعجزها ونقصها،
وهذا ورد في بعض الآثار أن العبد إذا أصابته البلوى فيدعو ربه ويستبطئ الإجابة،

ويقول الناس:
ألا ترحمه يارب؟
 فيقول الله: ( كيف أرحمه من شيء به أرحمه؟ ).

 فمثلاً الوالد عندما يجبر ابنه
على شرب الدواء المر وهو يبكي

 وأمه تقول: ألا ترحمه؟
 مع أن فعل الوالد هو رحمة به، ولله المثل الأعلى، فلا يتهم العبد ربه بابتلائه وليعلم أنه إحسان إليه.

لعــــــل عتبك محمود عواقبه *** وربما صحت الأجساد بالعلل


ومن فوائد المرض:
 أنه علامة على إرادة الله بصاحبه الخير،
فعن أبي هريرة مرفوعاً:
{ من يرد الله به خيراً يصب منه } [رواه البخاري]،

ومفهوم الحديث أن من لم يرد الله به خيراً لا يصيب منه،
حتى يوافي ربه يوم القيامة،
.

6- ومن فوائد المرض:

انتظار المريض للفرج،
وأفضل العبادات انتظار الفرج،
 الأمر الذي يجعل العبد يتعلق قلبه بالله وحده،
وهذا ملموس وملاحظ على أهل المرض أو المصائب، وخصوصاً إذا يئس المريض من الشفاء من جهة المخلوقين وحصل له الإياس منهم وتعلق قلبه بالله وحده،

وقال:
يا رب، ما بقي لهذا المرض إلا أنت،
 فإنه يحصل له الشفاء بإذن الله،
وهو من أعظم الأسباب التي تطلب بها الحوائج،

.

7ـ ومن فوائد المرض:

 ظهور أنواع التعبد،
 فإن لله على القلوب أنواعاً من العبودية،
كالخشية وتوابعها،
 وهذه العبوديات لها أسباب تهيجها،
فكم من بلية كانت سبباً لاستقامة العبد وفراره إلى الله
وبعده عن الغي،
 وكم من عبد لم يتوجه إلى الله إلا لما فقد صحته،
 فبدأ بعد ذلك يسأل عن دينه وبدأ يصلي،
 فكان هذا المرض في حقه نعمة
وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ
فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ
 وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ
 خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ [الحج:11]، 


وذلك أن على العبد عبودية في الضراء كما أن عليه عبودية في السراء، وله عبودية فيما يكره، كما أن له عليه عبودية فيما يحب، وأكثر الناس من يعطي العبودية فيما يحب، والشأن في إعطاء العبودية في المكاره، وفيها تتفاوت مراتب العباد، وبحسبها تكون منازلهم عند الله، ومن كان من أهل الجنة فلا تزال هداياه من المكاره تأتيه حتى يخرج من الدنيا نقياً.


وتأمل عظيم بلاء أيوب
 فَقَدْ فَقَدَ ماله كله وأهله ومرض جسده كله
حتى ما بقي إلا لسانه وقلبه،

ومع عظيم هذا البلاء
إلا أنه كان يمسي ويصبح وهو يحمد الله،
ويمسي ويصبح وهو راض عن الله،
لأنه يعلم أن الأمور كلها بيد الله،
 فلم يشتك ألمه وسقمه لأحد،
 ثم نادى ربه بكلمات صادقة
أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فكشف الله ضره وأثنى عليه، فقال: إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ [ص:44]، وقد ورد في بعض الآثار: { يا ابن آدم، البلاء يجمع بيني وبينك، والعافية تجمع بينك وبين نفسك }.

أخيراً أختم هذه الرسالة
 بأن المرض نعمة وليس بنقمة،
 وأن في المرض لذائذ:

1ـ منها:
 لذة العطف الذي يحاط به المريض والحب الذي يغمره من أقاربه ومعارفه.

2ـ ومنها:
اللذة الكبرى التي يجدها المريض ساعة اللجوء إلى الله، عندما يدعوه مخلصاً مضطراً.

3ـ ومنها:
لذة الرضا عن الله عندما تمر لحظات الضيق
 على المريض وهو مقيد على السرير،
 ويبلغ به المرض أقصاه فيفيء لحظتها إلى الله
 كما حصل في نداء أيوب، فلا يحكم على المريض أو البائس بمظهره، فلعل وراء الجدار الخرب قصراً عامراً، ولعل وراء الباب الضخم كوخاً خرباً.

4ـ ومنها:
 لذة المساواة التامة، فهي سنة الحياة،
 فلا يفرق المرض بين غني أو فقير،
فلو كان المرض سببه الفقر أو نقص الغذاء
لكان المرض وقفاً على الفقراء،
 ولكان الأغنياء في منجى منه،
لكنه لا يعرف حقيراً أو جليلاً، الناس سواء.

اللهم اجعلنا ممن إذا أعطي شكر،
وإذا أذنب استغفر،
 وإذا ابتلي صبر،
ومن لم ينعم الله عليه بالصبر والشكر فهو بشر حال،
وكل واحدة من السراء والضراء في حقه تفضي إلى قبيح المآل إن أعطاه طغى وإن ابتلاه جزع وسخط.

نسأل الله
 من عظيم لطفه وكرمه وستره الجميل في الدنيا والآخرة، ونعوذ به
من زوال نعمته وتحول عافيته 
وفجأة نقمته وجميع سخطه.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


No comments:

Post a Comment